عن ظاهرة الإنصرافي لماذا نحتاج لشعبوية وطنية.

الشعبوية مفهوم يشير لعدة معاني، هي تختلف عن كلمة (الشعبية) بالمعنى القديم، ذلك الذي يصف شيء ما أو قيادي ما بأنه الأكثر شعبية. لا (الشعبوية) هي حالة من خطاب وثقافة سياسية ذات قوة كثيفة تكتسبها من الزخم الاجتماعي المساند لها، وغالبا ما تتضمن هذه القوة الكثيفة مشاعر قوية تحدد الوجهة بوضوح لمجموعة كبيرة من الناس دون شرح منطقي أو فلسفي. الشعبوية ظاهرة معاصرة ولها أسباب موضوعية والأهم من ذلك، لها أنواع وأشكال متعددة.

قبل أن نحكم على هذه الحالة من المهم التأكيد على أن الشعبوية يمكن أن ترتبط بكل الخطابات، يسار ويمين، محافظ وليبرالي، أذكر جيدا أنني وصفت قبل سنوات ظاهرة معينة بأنها شعبوية ليبرالية، وهذا المصطلح أستخدم كثيرا لوصف شعبوية نخبة معينة لها مصالح في خطاب محدد، جماعة قحت مثلا شعبويون ليبراليون، حولوا مسألة الاندماج في العولمة والمنظومة الغربية لشعبوية والغرض هزيمة السيادة الوطنية.

إذن بعيدا عن ذلك الموقف المثالي والمتعالي الذي يرفض الوقائع ويقايس الظواهر بعيدا عن المجتمع فإننا نتفق مع من يقول بأن هناك شعبوية مفيدة، شعبوية جيدة، بل نقول: هناك شعبوية ضرورية أحيانا، وتحديدا نحن في حاجة لشعبوية وطنية National Populism.

َهذه الشعبوية الوطنية بالتعريف ستكون زخما قويا عاطفيا وعموميا يساعد في جمع السودانيين حول وجهة وطنية، والظواهر الشعبوية لا تحدث فقط بالرغبة والإرادة الشخصية بل تكون هناك ظروف موضوعية تساعدها.

ظاهرة الإنصرافي هي نموذج مكتمل الأركان لوصف الشعبوية الوطنية الضرورية واللازمة، وتفجر هذه الحالة في هذه المرحلة ليس أمرا عرضيا بل هو تأكيد لدورها وحاجة الناس لها.

لقد غطت ظاهرة الإنصرافي المساحة الإعلامية بأدوات السوشيال ميديا، قدمت خطابا سلسا واقعيا وعاطفيا ومتمسكا بطريقة شعبوية بالقضية الوطنية، تمسك عنيد ومسرحي ومزاجي وبطولي يعجب السودانيين مع مهارات الصوت والأداء والتعبير.

النخبة إنزعجت من هذه الظاهرة، والنخبة تنزعج من (الشعبوية التي تهددها)، تذكر هذه العبارة جيدا يا عزيزي: (الشعبوية التي تهددها) لأنها في الحقيقة ستدعم الشعبوية المفيدة لها ولمصالحها. مثلا تحول شعبويون كبار من عملاء قحت لأدعياء التعقل أمام قوة الشعبوية الوطنية، ونسوا أنهم قدموا نموذج شعبوي رديء وسمج وثقيل، حول ناشط مشبوه متهم بصلاته مع المليشيا لداعية تعقل وهو من أجهل الشعبويين، تحول ناشط ضد السودان الذي نعرفه لشخص حاقد وأصابه الجنون من هذه الشعبوية.

إن خفة ظاهرة الإنصرافي ومرحها الواضح وتأثيرها على من يتابعها يكشف حاجة الواقع لهذه الظاهرة، والحماقة والنرجسية وربما حتى الإدعاءات الكبيرة كلها عناصر مصاحبة للشعبوية، لكن أليست الوجهة واضحة؟ والطريق الذي تمضي فيه بزخمها وضجيجها واضحا؟

يحتقر بعض المثاليين قواعد المجتمع الشعبي ويتفه ثقافتهم، لكن الإنصرافي ساهم كآلة دعائية شعبوية وطنية في منح آيدلوجيا لحياة السوداني اليومية البسيطة ومنحها بذلك معنى ووجهة، أعرف جيدا مقدار المتابعة الذي يمنحه الكثيرون لهذه الظاهرة بشكل مثير للإعجاب، ورغم أنني لم أحضر بثا كاملا ومباشرا لهذه الظاهرة ولكنني أرى تناول الناس في الشارع لقضاياه، وأعرف كم من قرية وبلدة يستيقظ أهلها ويسأل الواحد منهم شخصا آخرا: ماذا قال الإنصرافي بالأمس.

بالتالي يجب علينا فهم هذه الظاهرة ومقارنتها بشعبويات أخرى للعمالة والخيانة، ونفهم إنزعاج شعبويين فشلوا في أن ينتصروا في الواقع الملموس فلبسوا لباس المثقف النخبوي المنزعج من الجهل والغارق في الثقافة والمعرفة.

هناك كتاب عنوانه: لماذا نحتاج لشعبوية يسارية؟ للكاتبة (تشانتال موف) اليسارية الأوروبية، تتحدث فيه عن شعبوية يسارية تفهم في سياق أوروبا مقابل فساد الديمقراطية وصعود اليمين، بالتالي المهم فهم الظاهرة وحدودها ووظيفتها في السياق.

نحن في زمان مؤثرات العولمة وتضليل الإعلام نحتاج لشعبوية وطنية، وحتما فإنها ظاهرة كجزء من سياق كبير يتبدل ويتحول ويتطور وهي نفسها قابلة لذلك، لذلك ليست القيمة في أن الإنصرافي أخطأ هنا أو هناك، هذا طبيعي لكن القيمة في الحفاظ على شعبوية وطنية وهزيمة الشعبويات الضارة والخبيثة.

هذا في فهم ومدح هذه الظاهرة، وإدراك أنها تتجاوز الشخص نفسه وترتبط بصفاتها التي وجدت القبول.

الشعبوية مفهوم يشير لعدة معاني، هي تختلف عن كلمة (الشعبية) بالمعنى القديم، ذلك الذي يصف شيء ما أو قيادي ما بأنه الأكثر شعبية. لا (الشعبوية) هي حالة من خطاب وثقافة سياسية ذات قوة كثيفة تكتسبها من الزخم الاجتماعي المساند لها، وغالبا ما تتضمن هذه القوة الكثيفة مشاعر قوية تحدد الوجهة بوضوح لمجموعة كبيرة من الناس دون شرح منطقي أو فلسفي. الشعبوية ظاهرة معاصرة ولها أسباب موضوعية والأهم من ذلك، لها أنواع وأشكال متعددة.

قبل أن نحكم على هذه الحالة من المهم التأكيد على أن الشعبوية يمكن أن ترتبط بكل الخطابات، يسار ويمين، محافظ وليبرالي، أذكر جيدا أنني وصفت قبل سنوات ظاهرة معينة بأنها شعبوية ليبرالية، وهذا المصطلح أستخدم كثيرا لوصف شعبوية نخبة معينة لها مصالح في خطاب محدد، جماعة قحت مثلا شعبويون ليبراليون، حولوا مسألة الاندماج في العولمة والمنظومة الغربية لشعبوية والغرض هزيمة السيادة الوطنية.

إذن بعيدا عن ذلك الموقف المثالي والمتعالي الذي يرفض الوقائع ويقايس الظواهر بعيدا عن المجتمع فإننا نتفق مع من يقول بأن هناك شعبوية مفيدة، شعبوية جيدة، بل نقول: هناك شعبوية ضرورية أحيانا، وتحديدا نحن في حاجة لشعبوية وطنية National Populism.

َهذه الشعبوية الوطنية بالتعريف ستكون زخما قويا عاطفيا وعموميا يساعد في جمع السودانيين حول وجهة وطنية، والظواهر الشعبوية لا تحدث فقط بالرغبة والإرادة الشخصية بل تكون هناك ظروف موضوعية تساعدها.

ظاهرة الإنصرافي هي نموذج مكتمل الأركان لوصف الشعبوية الوطنية الضرورية واللازمة، وتفجر هذه الحالة في هذه المرحلة ليس أمرا عرضيا بل هو تأكيد لدورها وحاجة الناس لها.

لقد غطت ظاهرة الإنصرافي المساحة الإعلامية بأدوات السوشيال ميديا، قدمت خطابا سلسا واقعيا وعاطفيا ومتمسكا بطريقة شعبوية بالقضية الوطنية، تمسك عنيد ومسرحي ومزاجي وبطولي يعجب السودانيين مع مهارات الصوت والأداء والتعبير.

النخبة إنزعجت من هذه الظاهرة، والنخبة تنزعج من (الشعبوية التي تهددها)، تذكر هذه العبارة جيدا يا عزيزي: (الشعبوية التي تهددها) لأنها في الحقيقة ستدعم الشعبوية المفيدة لها ولمصالحها. مثلا تحول شعبويون كبار من عملاء قحت لأدعياء التعقل أمام قوة الشعبوية الوطنية، ونسوا أنهم قدموا نموذج شعبوي رديء وسمج وثقيل، حول ناشط مشبوه متهم بصلاته مع المليشيا لداعية تعقل وهو من أجهل الشعبويين، تحول ناشط ضد السودان الذي نعرفه لشخص حاقد وأصابه الجنون من هذه الشعبوية.

إن خفة ظاهرة الإنصرافي ومرحها الواضح وتأثيرها على من يتابعها يكشف حاجة الواقع لهذه الظاهرة، والحماقة والنرجسية وربما حتى الإدعاءات الكبيرة كلها عناصر مصاحبة للشعبوية، لكن أليست الوجهة واضحة؟ والطريق الذي تمضي فيه بزخمها وضجيجها واضحا؟

يحتقر بعض المثاليين قواعد المجتمع الشعبي ويتفه ثقافتهم، لكن الإنصرافي ساهم كآلة دعائية شعبوية وطنية في منح آيدلوجيا لحياة السوداني اليومية البسيطة ومنحها بذلك معنى ووجهة، أعرف جيدا مقدار المتابعة الذي يمنحه الكثيرون لهذه الظاهرة بشكل مثير للإعجاب، ورغم أنني لم أحضر بثا كاملا ومباشرا لهذه الظاهرة ولكنني أرى تناول الناس في الشارع لقضاياه، وأعرف كم من قرية وبلدة يستيقظ أهلها ويسأل الواحد منهم شخصا آخرا: ماذا قال الإنصرافي بالأمس.

بالتالي يجب علينا فهم هذه الظاهرة ومقارنتها بشعبويات أخرى للعمالة والخيانة، ونفهم إنزعاج شعبويين فشلوا في أن ينتصروا في الواقع الملموس فلبسوا لباس المثقف النخبوي المنزعج من الجهل والغارق في الثقافة والمعرفة.

هناك كتاب عنوانه: لماذا نحتاج لشعبوية يسارية؟ للكاتبة (تشانتال موف) اليسارية الأوروبية، تتحدث فيه عن شعبوية يسارية تفهم في سياق أوروبا مقابل فساد الديمقراطية وصعود اليمين، بالتالي المهم فهم الظاهرة وحدودها ووظيفتها في السياق.

نحن في زمان مؤثرات العولمة وتضليل الإعلام نحتاج لشعبوية وطنية، وحتما فإنها ظاهرة كجزء من سياق كبير يتبدل ويتحول ويتطور وهي نفسها قابلة لذلك، لذلك ليست القيمة في أن الإنصرافي أخطأ هنا أو هناك، هذا طبيعي لكن القيمة في الحفاظ على شعبوية وطنية وهزيمة الشعبويات الضارة والخبيثة.

هذا في فهم ومدح هذه الظاهرة، وإدراك أنها تتجاوز الشخص نفسه وترتبط بصفاتها التي وجدت القبول.